أعلان الهيدر

الاثنين، 7 أغسطس 2023

الرئيسية الكاتب والاديب د . صلاح البسيوني يكتب اختطاف/الاهرام نيوز براين

الكاتب والاديب د . صلاح البسيوني يكتب اختطاف/الاهرام نيوز براين

 اختطـــــــــــــــــــــاف

تأليف د. صلاح البسيوني




كعادته دائما كان يرتب أشياءه الصغيرة .. يضع هذه هنا وتلك هناك .. ومع كل خطواته هذه كان يضع ما يحتاجه فى حقيبة كبيرة .. أنتقى بيجاماته ووضعها .. هذه بعض الملابس الداخلية .. وهذه جوارب وتلك بعض القمصان والبنطلونات .. لم ينسى ماكينة الحلاقة الكريم وزجاجه عطر .


تفحص أوراقه الخاصة وأنتقى منها ما يحتاجه ووضع الباقي فى مكانه بكل دقه .. وفى خلال تحركاته السريعة كان يعطى بعض التوجيهات لزوجته وصغاره .. لا تنسى تجديد بطاقة التموين .


تامر تذكر أن مذاكرتك هي مستقبلك أنت فلا تتهاون فى تاديه واجباتك بالمذاكرة .


نهى دائما التفوق عنوانك وهدفك فلا تراجع عن الهدف ولا تنازل .


مودى أدى واجباتك قبل ان تمارس حقوقك .. المذاكره أولا ثم وقت الراحة واللعب .. بطاقتي العائلية وبعض الأوراق الأخرى التى قد تحتاجونها وضعتها لكم فى هذا المظروف الكبير.. أوراق كل شخص منكم فى ملف خاص عليه اسمه .


تناول بعض الأوراق ووضعها فى حقيبته .. دفتر خطابات ومظاريف .. بعض الأقلام .. صور الأسرة الصغيرة بل والعائلة الكبيرة من الوالدين والأخوة والأخوات .. يحاول ان يحفظ فى الذاكرة كل شئ .. امتدت يده لأخذ بعض الملابس الصوفية تحسبا لبرد الشتاء .


وفى خلال تحركاته هذه كان يتهرب من نظرات زوجته وأطفاله التى ملأها الحزن .. أعطى زوجته سلسلة مفاتيحه الخاصة .. وضع كل ما معه من نقود فى جيوب أبناءه وهو يحتضن كل منهم فى قبلة سريعة خاطفة تحمل كل اللهفة والألم .


أرسل حقائبه الى السيارة التى كانت فى انتظاره . تحاشى نظرات زوجته حتى لا يرى سيول الدموع وعيونها الدامية .. وحتى لا تلحظ سماء عينيه الممتلئة بالدموع .. سقط قلبه من بين الضلوع وهو يطبع قبله سريعه على جبهتها فتركه معها .. مع أطفاله .. ليرعاهم فى سفره وترحاله .


أحتضن الجميع بنظره خاطفة وانطلق إلى السيارة وخلفه كان صراخ أول أولاده الصامت يلاحقه ويناديه .. الى أين تتركنا وتذهب .. هرب كبيرهم الى دوره المياه ليختفي فيها ويذرف الدموع سيول لا توقفها سدود الدنيا .. اختفت وحيدته خلف باب الشقة وكأنها تغلق الباب على أحزانها إلى أن يعود الغائب الحاضر .


وانكمش الصغير بين ذراعي كرسي الفوتيه العتيق وكأنه يعود الى رحم أمه .. يحتمي به حين اختفى الأمن من دنياه .. وغاب الأمان عن منزلهم .


وانطلقت السيارة به فى طريقها الى حيث يبدا العالم المجهول والقى نظرة وداع أخيرة على منزله وشوارع مدينته التى لم يتبين منها شئ حيث صنعت دموعه التى انهمرت حاجز أضيف الى حواجز الزمن الذي ابتلعه . 


واختطفه الرحيل الى العالم الجديد .. وهو يسأل نفسه ..    هل سيرى أحبابه مرة أخرى ؟ ومتى ستنتهي عمليه   الاختطاف !..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.