10 مارس, 2025

أعلان الهيدر

الثلاثاء، 28 فبراير 2023

الرئيسية الكاتب الصحفي د .السيد عجيبه يكتب مقال بعنوان الصحافة في الوطن العربي/الاهرام نيوز براين

الكاتب الصحفي د .السيد عجيبه يكتب مقال بعنوان الصحافة في الوطن العربي/الاهرام نيوز براين

الكاتب  الصحفى د . السيد عجيبه


  رغم تطور الفضائيات والإنترنت في السنوات الماضية، إلا أن انتهاكات حرية الصحافة ما تزال ترتكب على نطاق واسع في مختلف الدول العربية. تقرير الصحفي الأردني فخري صالح


​​

تمثل الصحافة في الدول الديموقراطية سلطة رابعة بالفعل، فهي تبصر الناس بأمور حياتهم، وتطرح القضايا الساخنة على بساط البحث، وتسقط الحكومات وتكشف عن الفساد في منابعه. لكن الصحافة في الوطن العربي لا زالت محدودة التأثير في الحياة السياسية والاجتماعية بسبب القيود الكثيرة التي تكبلها:

وبعض هذه القيود حكومي فيما البعض الآخر اجتماعي تمليه التقاليد العفنة البالية الضاغطة، وبسبب الرقابة المنظورة وغير المنظورة التي تحاصرها من كل جانب؛ يضاف إلى هذا ما تمارسه رؤوس الأموال المالكة للصحف من تحكم في تدفق المعلومات وتداولها وتواطؤ مع أصحاب المصالح الذين يزودون الصحف بالإعلانات التي تعد العصب الأساسي لأرباح الصحف في الدول العربية التي تسمح بإصدار صحف لا تملكها الدولة أو الأحزاب أو النقابات.

رغم هذا الأفق الرمادي الذي يحيط بالحالة الصحفية في الوطن العربي، فإن الكفاح الذي خاضه الصحفيون، وقطاعات المجتمع المدني المختلفة، قاد في السنوات الأخيرة إلى تحسن أوضاع الحريات الصحفية، وتطور الصحافة العربية (المكتوبة والمسموعة والمرئية، وصحافة الإنترنت كذلك)، ودخول هذه الصحف ووسائل الإعلام المرئية (ونخص بالذكر هنا الفضائيات مثل الجزيرة والمنار والعربية وغيرها من الفضائيات التي أنشئت بتمويل من أشخاص أو من جهات حكومية أو مقربة من الحكومات في الوطن العربي) طورا من المنافسة مع بعضها البعض، أو حتى مع وسائل الإعلام العالمية سواء من حيث قدرتها على الوصول إلى مصادر الأخبار وسرعة بثها لهذه الأخبار، أو من حيث فتحها المجال للحوار الحر الجريء على شاشاتها، وتهيئتها الأجواء لاشتجار الآراء المختلفة، وإتاحتها المجال للرؤى المعارضة للجمهور الذي كان صوته مكتوما أو خفيضا فيما مضى.

المخولة بمنح التراخيص قد ترفض السماح لجهات أو أشخاص معينين بإصدار الصحف، أو إنشاء إذاعات أو قنوات تلفزيونية أرضية أو فضائية، دون إبداء الأسباب فقد اضطر عدد من الراغبين في إصدار الصحف أو إنشاء الإذاعات أو المحطات التلفزيونية إلى الهجرة إلى بلدان أخرى، أجنبية في الغالب، لإنشاء مؤسساتهم الإعلامية التي بدأت خلال السنوات الأخيرة تنافس، بل تتفوق على الصحافة المحلية، لأسباب تتعلق بالحرية المتاحة وغياب الرقيب والتطور التكنولوجي الهائل الذي استطاعت هذه الصحف ووسائل الإعلام العربية المهاجرة الاستفادة منها.

غرامات وحبس وتهديدات

لكن الرقابة على الصحافة، المكتوبة والمسموعة والمرئية، تتخذ أشكالا لا يضبطها القانون في أحيان كثيرة، ويجري في بعض الأحيان اختيار القانون الأكثر تشددا ليطبق على الصحف التي يعتقد الرقيب أنها ارتكبت جريمة من جرائم النشر.

كما أن الصحفيين والكتاب والمفكرين يخضعون لقوانين متشددة فيما يتعلق بحرية التعبير والنشر. وهم لا يخضعون في بعض الدول العربية للقوانين العادية بل لقوانين خاصة بالصحافة، بل إنهم يحاكمون أمام محاكم خاصة بقضايا النشر أو أمام محاكم الطوارئ.

ويوجد في العديد من الدول العربية أجهزة أمنية وقضائية متخصصة في التعامل مع الصحفيين والصحافة مثل مباحث الصحافة ونيابة الصحافة ومحاكم الصحافة ومحاكم أمن الدولة. ويتعرض الصحفيون للتوقيف والحبس مددا قد تصل إلى السجن مدى الحياة، وقد يحكم عليهم بدفع غرامات باهظة لا يستطيعون توفيرها ما يؤدي إلى استمرار توقيفهم أو اضطرارهم إلى بيع صحفهم إن كانت هذه الصحف مملوكة لهم.

وقد تم الاعتداء منذ فترة قصيرة على الصحفي عبد الحليم قنديل المحرر والكاتب في صحيفة "العربي" الناصرية المصرية، كما سجن الصحفي عبد الكريم الخيواني المحرر في صحيفة الشورى اليمنية المعارضة. وسجن الصحفي المغربي علي المرابط، وسجن الصحفيان التونسيان عبد الله الزواري وحماد الجبالي. وسجن الصحفي السعودي صالح الحارثي. كما سجن الأكاديمي والكاتب السوري عارف دليلة. واختفى الصحفي المصري رضا هلال من منزله في شهر آب (أغسطس) عام 2003.

كما أن بعض الدول تمنع الصحفيين بعد إدانتهم من مزاولة مهنة الصحافة طول العمر! أما الصحف فهي تتعرض للمصادرة أو الوقف المؤقت عن الصدور أو سحب تراخيص النشر ومنعها من التداول نهائيا بموجب أمر إداري، دون المرور أحيانا بالقضاء.

صورة قاتمة

إن انتهاكات حرية الصحافة تبدأ، كما رأينا، من الدستور، ومن ثمّ بالانتهاكات القانونية والإدارية، وكذلك بالانتهاكات التي ترتكب في مكان العمل. فالصحفي يمنع من نشر كتاباته لأنها تتجاوز الخطوط الحمراء المسموح بها، ويمنع من نشر الأخبار والمعلومات أو المقالات، كما أنه يمنع من الوصول إلى مصادر المعلومات والأحداث، رغم وجود نص في القانون يكفل حقه بذلك. كما يتم تعطيل الصحف وإغلاقها، وتوقيف الصحفيين العاملين بها والاعتداء عليهم وإهانتهم.

وفي بعض الدول العربية تخضع بعض الصحف لرقابة "مفاجئة" حيث إن الأجهزة الأمنية تعلم عن طريق عيونها بوجود مادة محظورة في العدد الذي هو قيد الطباعة من هذه الصحيفة أو تلك حيث يتم الاتصال برئيس التحرير لإفهامه بأن عليه يستبدل تلك المادة تحت طائلة المنع من الصدور.

من هنا تبدو الصورة قاتمة فيما يتعلق بالحريات الصحفية في الوطن العربي، مقارنة بدول كانت متخلفة جدا فيما يتعلق بهذه الحريات مثل دول أمريكا اللاتينية وإثيوبيا التي أصبح سجلها أنصع بكثير من الوطن العربي بخصوص حرية التعبير والصحافة.

سيطرة الدولة

إن حرية الاتصال والإعلام تشمل: حرية الوصول إلى المعلومات وتداولها، وحرية إصدار الصحف والمطبوعات، وحرية البث الإذاعي والتلفزيوني والإنتاج المسرحي والسينمائي، وحرية التنظيم المهني والنقابي للعاملين في مجالات الاتصال والإعلام، وضرورة وجود ضمانات دستورية وقانونية لحماية حرية التعبير عن الرأي من تجاوزات الحكومات وأصحاب الأعمال.

ولو ألقينا نظرة على ملكية وسائل الإعلام لوجدنا أن قطاع الإرسال الإذاعي والتلفزيوني يخضع لاحتكار الدولة، كما أن خدمات الإنترنت تخضع لسيطرة الدولة أو المقربين منها، وكذلك هي خدمات الإرسال الفضائي. ولا تشذ عن هذا أبدا، إلا في حالات قليلة تمثل الاستثناء لا القاعدة، ملكية الصحف. وإن من بين أسوأ أشكال الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام امتلاك الدولة لهذه الوسائل، لأن ذلك يحد من حرية التعبير والعمل الصحفي، ويجعل السلطة السياسية والأجهزة الأمنية تتحكم في عملية تدفق المعلومات وحرية نشر المعرفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.