أعلان الهيدر

الاثنين، 13 أكتوبر 2025

الرئيسية الصحفي حاتم السعداوي يكتب قوة الدبلوماسية المصرية وتغيير موازين القوى الاقليمية/ الاهرام نيوز

الصحفي حاتم السعداوي يكتب قوة الدبلوماسية المصرية وتغيير موازين القوى الاقليمية/ الاهرام نيوز

 حاتم السعداوى يكتب 

قوة الدبلوماسية المصرية وتغير موازين القوى الإقليمية بعد تفاهمات شرم الشيخ



​تُعدّ الدبلوماسية المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ركيزة أساسية في استراتيجية مصر للتعامل مع التحديات الإقليمية، لا سيما في ملفي الأمن الإقليمي والقضية الفلسطينية. وقد تجلّت قوة هذه الدبلوماسية في سلسلة من المبادرات والجهود، أبرزها الدور المحوري الذي لعبته القاهرة في صياغة التفاهمات الأخيرة، والتي يمكن الإشارة إليها مجازاً بـ "تفاهمات شرم الشيخ" أو قاهرة التهدئة، في سياق جهودها للتهدئة وإرساء الاستقرار بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية. إن النجاح في إدارة هذه الملفات يعكس تزايد النفوذ الدبلوماسي المصري ويضع تساؤلات حول انحدار الدور الإسرائيلي المنفرد في المنطقة.

​📈 تعاظم النفوذ الدبلوماسي المصري

​يتميز النهج الدبلوماسي للرئيس السيسي بـ البراغماتية والاحتكام للقانون الدولي، مع التركيز على الأمن القومي المصري كبوصلة للتحرك. وقد استثمرت مصر موقعها الجغرافي وتاريخها كضامن للاستقرار ووسيط موثوق به لدى جميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة والأوروبيين والفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

​الوساطة الفعالة: أثبتت مصر أنها الوسيط الأقدر على إدارة فترات التصعيد ونزع فتيل الأزمات، خصوصاً في قطاع غزة. فبدلاً من الاكتفاء بالإدانة أو المراقبة، قدمت القاهرة خطط عمل متكاملة للتهدئة وإعادة الإعمار، ما جعلها شريكاً لا غنى عنه في أي معادلة أمنية إقليمية.

​عمق العلاقات الدولية: لم تقتصر قوة الدبلوماسية المصرية على النطاق الإقليمي، بل امتدت لتشمل المحافل الدولية. إن قدرة الرئيس السيسي على التواصل الفعّال مع قادة العالم وإقناعهم بضرورة دعم المساعي المصرية تعزز من موقف القاهرة، وتجعل أي مسعى إقليمي يتجاوزها أمراً بالغ الصعوبة.

​📉 تراجع الدور الإسرائيلي في إدارة الأزمة

​في المقابل، يظهر أن الدور الإسرائيلي في إدارة الصراع قد بدأ يشهد تراجعاً نسبياً في فاعليته، لا سيما بعد سلسلة من الأحداث التي أثبتت أن الحلول العسكرية المنفردة أو استراتيجيات "إدارة الصراع" دون أفق سياسي لا يمكن أن تحقق استقراراً طويل الأمد.

​فشل استراتيجية الانفراد: كان الدور الإسرائيلي يميل في فترات سابقة إلى التعامل مع الصراع بمنطق القوة أو التفاهمات الثنائية المباشرة التي تخدم مصالحها الأمنية بشكل حصري. إلا أن الاضطرابات المتكررة أثبتت أن أي استقرار مستدام يتطلب إشراك طرف إقليمي ضامن يتمتع بثقة الأطراف كافة، وهو الدور الذي استعادته مصر بقوة.

​البحث عن وسيط: على الرغم من العلاقات الأمنية والدبلوماسية المعقدة، تجد إسرائيل نفسها مضطرة للاعتماد بشكل متزايد على الوساطة المصرية في أوقات الأزمات الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالتهدئة وتبادل الأسرى. هذا الاعتماد يقلل من هامش المناورة الإسرائيلي ويفرض عليها ضوابط غير مباشرة تخدم هدف الاستقرار الإقليمي الذي تتبناه القاهرة.

​تآكل الصورة الدولية: أدت سياسات الاستيطان والتصعيد إلى تآكل جزء من الدعم الدولي لإسرائيل، ما زاد من أهمية الدور المصري كجسر بين المواقف الغربية والمطالب الفلسطينية. إن قوة القاهرة في تمرير التفاهمات تعني أن الشرعية الدولية للخطوات الأمنية الإسرائيلية أصبحت مرتبطة بشكل متزايد بالتنسيق مع مصر.

​🤝 اتفاق شرم الشيخ كنموذج لتغيير قواعد اللعبة

​إن التفاهمات التي تُعقد في إطار الاجتماعات الإقليمية التي تستضيفها مصر، مثل تلك التي جرت في شرم الشيخ مؤخراً، لا تمثل مجرد لقاءات لتبادل الآراء، بل هي آليات عمل تُحدد سقف التهدئة وتُرسّخ الوجود المصري كضابط إيقاع رئيسي. هذه التفاهمات تفرض على إسرائيل العمل ضمن إطار إقليمي يحد من قدرتها على اتخاذ قرارات أحادية قد تضر بالاستقرار الإقليمي العام.

​وفي الختام، يمكن القول إن الدبلوماسية الحكيمة للرئيس السيسي قد نجحت في استعادة الدور المحوري لمصر كقوة إقليمية ضامنة للاستقرار، لا سيما في القضية الفلسطينية. وفي الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إلى حلول سياسية مستدامة، يجد الدور الإسرائيلي نفسه محاصراً بضرورة التنسيق والالتزام بالتفاهمات الإقليمية التي تقودها القاهرة، وهو ما يُعد تحولاً هاماً في موازين القوى الدبلوماسية في الشرق الأوسط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.