أعلان الهيدر

السبت، 4 أكتوبر 2025

الرئيسية حاتم السعداوي يكتب عندما يصبح الذهبي بلا قيمة/ الاهرام نيوز

حاتم السعداوي يكتب عندما يصبح الذهبي بلا قيمة/ الاهرام نيوز

 عندما يُصبح "الذهبي" بلا قيمة: أزمة التغطية والتقاعس في شركات التأمين المصرية

الكاتب الصحفي حاتم السعداوي


​يمتلك المواطن المصري، كغيره من الأفراد الساعين للأمان الصحي، درجات متفاوتة من الثقة في شركات التأمين التي يدفع لها أقساطاً باهظة مقابل "راحة البال". وتتصاعد هذه الثقة لتصل إلى ذروتها عندما يختار العميل أعلى فئة تأمينية متاحة، كبرنامج "التأمين الذهبي"، معتقداً أنه بذلك قد اشترى شبكة أمان لا يمكن أن تمزقها البيروقراطية أو التعقيدات المالية. ولكن، ما يحدث على أرض الواقع في كثير من الأحيان هو صدمة تفقده الثقة في القطاع بأكمله.

​تدور الأزمة الحالية حول حالة عميل يحمل وثيقة "التأمين الذهبي" من إحدى شركات التأمين الكبرى في مصر، وهي وثيقة يُفترض أنها توفر أقصى حدود التغطية الصحية الممكنة. وعندما احتاج العميل لإجراء مجموعة من التحاليل الطبية الروتينية أو الضرورية، تفاجأ بالرفض الصريح من الشركة، متذرعة بأن "التغطية التأمينية غير مشمولة لهذه التحاليل".

​التناقض الصارخ: الوعد والفعل

​يكمن سوء الخدمة والتقاعس هنا في التناقض الصارخ بين ما يُروّج له تسويقياً وما يتم تنفيذه عملياً. فالتأمين "الذهبي" يوضع كعنوان للفخامة والشمولية، وهو بمثابة ضمانة للعميل بأنه لن يواجه عقبات عند طلب الخدمات الصحية الأساسية. وعندما ترفض الشركة تغطية بند حيوي كـ التحاليل الطبية، فإنها لا تتقاعس فقط عن خدمة عميلها، بل تهدم عمداً جسور الثقة التي بُنيت على وعود القيمة المضافة.

​إن حجة "عدم شمول التغطية" لتحاليل طبية، تحديداً في أعلى فئة تأمينية، تطرح تساؤلات جدية حول شفافية العقود وسلامة نصوصها. هل تُصاغ البنود بذكاء لإخفاء الثغرات؟ وهل يتم استغلال حاجة العميل للدفع في البداية ثم التملص من الالتزامات الجوهرية لاحقاً؟

​التداعيات الاقتصادية والنفسية

​إن تقاعس شركة التأمين الكبرى لا يُكبّد العميل مجرد خسارة مالية تتمثل في دفع قيمة التحاليل من جيبه الخاص، بالرغم من دفع الأقساط. بل يمتد الأثر ليشمل:

​الإجهاد النفسي: فالعميل يجد نفسه في مواجهة معقدة لإثبات حقه، ما يضيف عبئاً إضافياً على وضعه الصحي بدلاً من تخفيفه.

​ضياع الهدف من التأمين: يصبح التأمين، في هذه الحالة، عبئاً مالياً إضافياً بدلاً من كونه أداة لإدارة المخاطر وتوفير الأمان.

​تآكل الثقة: تتراجع ثقة المجتمع في قطاع التأمين ككل، مما يعيق جهود الدولة لتعزيز الشمول المالي والتغطية الصحية الشاملة.

​ضرورة الرقابة والمحاسبة

​في مثل هذه الحالات، يجب أن تكون هناك آليات رقابية فعالة تضمن التزام شركات التأمين بوعودها التعاقدية، خصوصاً في الفئات العليا. يجب على الهيئات الرقابية التدخل لفحص عقود التأمين "الذهبي" للتأكد من شمولها للخدمات الأساسية كالتحاليل، والتحقيق في شكاوى العملاء التي تشير إلى تكرار هذا النمط من المماطلة والتقاعس.

​إن سمعة شركات التأمين الكبرى في السوق المصري لا يمكن أن تستمر بالاعتماد على شعارات براقة بينما تتعامل مع جوهر الخدمة بالتقاعس والمراوغة. يجب أن يكون التأمين "الذهبي" مرادفاً فعلياً للخدمة غير المشروطة والجودة العالية، لا مجرد غطاء لتبرير الأقساط المرتفعة مع الرفض المتكرر للخدمات الأساسية. فالعميل دفع ثمن "الراحة الذهبية"، ومن حقه أن يحصل عليها دون مساومة أو تبرير واهٍ.

الكاتب الصحفي . حاتم السعداوي



هناك تعليق واحد:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.