حـالـه خـاصـة جـداً
تأليف د. صلاح البسيوني
وقع الخبر كالصاعقة على رأسه ، وزادت طرقات القدر شراستها حين علم بمدى ما بينهما من حالة حب خاصة ، كانت تناديه حبيبي في كل اللقاءات ، ونادرا ما نادته باسمه .
كان ما بينهما عشق خاص ، يحتويهم في كل لقاء ، وعبر حوارات التليفون تبدأ حديثها بالسؤال .. إيه أخبار حبيبي .. عشق احتواهم واعتصرهما إلى حد الانصهار ، ليجمعهم في جسد واحد ، ظلا يدعوان سويا ألا يفترق أطرافه طوال العمر .
ولهذا كان وقع الخبر عليه قاسيا عندما علم ان حبيبته قد سئمت حبها واشتاقت الى حياتها قبل ان تلقاه ، سئمت حنانه واشتاقت الى معاناتها وضياعها ، سئمت حبه الكبير وقلبه الأكبر وانساقت الى بائعها وعارضها فى متجره الرخيص فى انتظار من يدفع له ثمن المشاهدة أو اللمس ، سئمت حياته ، انتحرت دون أسباب معلومة ، وكيف يبيع الإنسان عمره دون ذكر سبب يذكر ؟.
وأصابته الحيرة ترافقها حاله من الاكتئاب ، وانكمش في ركنه الصغير يلازمه الصمت منطوياً على نفسه ، يشعر بالانكسار ، والانهيار ، فلا داعي لوجوده من بعدها ، فلقد خلق من أجلها ، وانتظرها كل هذه السنين إلى أن لقيها ، والآن قد فقدها .
أزداد انكماشه ، ولم تفلح معه محاولات صاحبه ومداعباته فى أن ينبض بالحيوية التي أشتهر بها ، إن ينفض عنه غبار اليأس وينتفض واقفا ، أن يفرد قامته ويعتز برجولته ، أن يقول لها .. لقد خالفتي العهد ، ولكن لا يا حبيبتي لن أموت بدونك .. ولكنه لم يستطيع وإزداد انكماشه إلى حد التلاشي .
وصديقه وهو في حاله رعب يحاول ان يعيد إليه الحياة ، يدلكه لكي تنبض عروقه ، يحركه لكي تنتفض أطرافه ، لم يصدق إنه يمكن أن يموت بهذه الطريقة ، بإرادته ، الموت من الداخل ، الموت يأساً .
ولكنه في النهاية ، صدمه الواقع الذي أمامه ، فتأكد أنه أمام حاله خاصة جدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق