لم يعد "أبوبكر محمد" يحتمل مزيداً من العناء بعد أن قضى شهرين تحت نيران الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم، ونفد كل مخزونه الغذائي، بينما تتوقف الأعمال في ظروف قاسية يستحيل معها التكسب المالي.
وطيلة الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كان "محمد" يعيش على أمل وصول مساعدات إنسانية تخفف عن معاناته الحياتية، لكن أحلامه تتبدد بعد أن فشلت منظمات الإغاثة المحلية والدولية في توزيع العون الغذائي على سكان الخرطوم نتيجة احتدام المواجهات العسكرية في كل أرجاء العاصمة.
وبمقدار قسوة البقاء وسط نيران الحرب في الخرطوم، يكون النزوح الى الولايات الإقليمية الذي يتطلب مبالغ نقدية كبيرة لأجل أجرة الحافلة، كما أن إعادة الاستقرار في المناطق السودانية الآمنة يتطلب أموالاً ضخمة إذ ارتفعت أسعار إيجار العقارات والشقق بصورة فاحشة، بينما لا توجد مخيمات مؤهلة للإيواء.
قرار صعب
خيارات صعبة جعلت "أبوبكر محمد" في حيرة بالغة تكاد توصله إلى حد الجنون بعد أن أرهقه عناء التفكير بين الصبر داخل منزله ليواجه شبح الموت جوعاً وبرصاص الصراع، أو الدخول في مغامرة الخروج من منزله نحو مصير مجهول.
ويقول لموقع "سكاي نيوز عربية": "نسمع من معارفنا الذين غادروا إلى الولايات أنهم يعيشون أوضاعا مأساوية، يأوون في المدارس والمساجد وهناك شح في الغذاء ويواجهون تضييق وإذلال كبيرين، أما الذين اختاروا السكن في الشقق والمنازل دخلوا في ضوائق مالية بسبب ارتفاع أسعار الإيجار وتكلفة المعيشة فهو أمر مرعب للغاية".
ويضيف "لا أملك أي مال في الوقت الراهن، فلا نستطيع مغادرة منزلنا مطلقاً وحتى إذا حصلنا على بعض النقود من أقاربنا ميسوري الحال، سوف نوجهها لاحتياجاتنا الحالية وليس من الحكمة التفكير في السفر إلى الولايات الإقليمية في ظل هذه الظروف رغم المخاطر التي تحيط بنا داخل العاصمة الخرطوم".
وبحسب الأمم المتحدة فإن نحو 1.7 فروا من جحيم القتال في السودان بالداخل ولجأ الآلاف إلى دول الجوار مصر، جنوب السودان، تشاد. وبناءً على هذه التقديرات فإن 6 ملايين شخص على الأقل ما زالوا عالقين في العاصمة الخرطوم التي يسكنها 8 ملايين شخص، وفق آخر تعداد سكاني تم إجراؤه عام 2010م.
يعيش هؤلاء الأشخاص تحت رعب الاشتباكات العسكرية الدامية، إلى جانب النقص الحاد في السلع الأساسية بعد إغلاق غالبية الأسواق في العاصمة الخرطوم التي تعرضت إلى أعمال نهب واسعة خلال الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب، فضلاً عن التدهور المريع في خدمات الصحة والكهرباء ومياه الشرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق